فصل: قال أبو البقاء العكبرى:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو البقاء العكبرى:

سورة هود عليه السلام:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إن جعلت هودا اسما للسورة لم تصرفه للتعريف والتأنيث، ويجوز صرفه لسكون أوسطه عند قوم، وعند آخرين لا يجوز صرفه بحال لأنه من تسمية المؤنث بالمذكر، وإن جعلته للنبى عليه السلام صرفته.
قوله تعالى: {كتاب} أي هذا كتاب، ويجوز أن يكون خبر {الر} أي {الر} وأشباهها كتاب (ثم فصلت) الجمهور على الضم والتشديد، ويقرأ بالتخفيف وتسمية الفاعل، والمعنى: ثم فرقت كقوله: {فلما فصل طالوت} أي فارق (من لدن) يجوز أن يكون صفة، أي كائن من لدن، ويجوز أن يكون مفعولا، والعامل فيه فصلت، وبنيت لدن وإن أضيفت، لأن علة بنائها خروجها عن نظيرها، لأن لدن بمعنى عند، ولكن هي مخصوصة بملاصقة الشيء وشدة مقاربته، وعند ليست كذلك بل هي للقريب وما بعد عنه وبمعنى الملك.
قوله تعالى: {أن لا تعبدوا} في أن ثلاثة أوجه: أحدها هي مخففة من الثقيلة.
والثاني أنها الناصبة للفعل، وعلى الوجهين موضعها رفع تقديره هي أن لا تعبدوا، ويجوز أن يكون التقدير: بأن لا تعبدوا، فيكون موضعها جرا أو نصبا على ما حكينا من الخلاف.
والوجه الثالث أن تكون أن بمعنى أي، فلا يكون لها موضع، ولاتعبدوا نهى، و(منه) أي من الله، والتقدير: نذير كائن منه، فلما قدمه صار حالا، ويجوز أن يتعلق بنذير، ويكون التقدير: إننى لكم نذير من أجل عذابه.
قوله تعالى: {وأن استغفروا} أن معطوفة على أن الأولى، وهى مثلها ما ذكر {وإن تولوا} أي يتولوا.
قوله تعالى: {يثنون} الجمهور على فتح الياء وضم النون، وماضيه ثنى، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الياء وماضيه أثنى، ولا يعرف في اللغة إلا أن يقال معناه عرضوها للإثناء، كما تقول أبعت الفرس إذا عرضته للبيع.
ويقرأ بالياء مفتوحة وسكون الثاء ونون مفتوحة وبعدها همزة مضمومة بعدها نون مفتوحة مشددة مثل يقرءون، وهو من ثنيت، إلا أنه قلب الياء واوا لانضمامها ثم همزها لانضمامها، ويقرأ يثنوني مثل يعشوشب وهو يفعوعل من ثنيت، والصدور فاعل.
ويقرأ كذلك إلا أنه بحذف الياء الأخيرة تخفيفا لطول الكلمة. ويقرأ بفتح الياء والنون وهمزة مكسورة بعدها نون مرفوعة مشددة، وأصل الكلمة يفعوعل من الثنى، إلا أنه أبدل الواو المكسورة همزة، كما أبدلت في وسادة فقالوا إسادة، وقيل أصلها يفعال مثل يحمار، فأبدلت الألف همزة كما قالوا ابياض (ألا حين) العامل في الظرف محذوف: أي ألا حين يستغشون ثيابهم يستخفون، ويجوز أن يكون ظرفا ليعلم.
قوله تعالى: {مستقرها ومستودعها} مكانان، ويجوز أن يكونا مصدرين كما قال الشاعر:
ألم تعلم مسرحي القوافى

أي تسرحى.
قوله تعالى: {ولئن} اللام لتوطئة القسم، والقسم محذوف وجوابه (ليقولن) ومثله {ولئن أذقنا} وجواب القسم {إنه ليئوس} وسد القسم وجوابه مسد جواب الشرط.
قوله تعالى: {ألا يوم يأتيهم} يوم ظرف ل {مصروفا} أي لا يصرف عنهم يوم يأتيهم، وهذا يدل على جواز تقديم خبر ليس عليها.
وقال بعضهم: العامل فيه محذوف دل عليه الكلام: أي لا يصرف عنهم العذاب يوم يأتيهم، واسم ليس مضمر فيها: أي ليس العذاب مصروفا.
قوله تعالى: {لفرح} يقرأ بكسر الراء وضمها وهما لغتان، مثل يقظ ويقظ وحذر وحذر.
قوله تعالى: {إلا الذين صبروا} في موضع نصب وهو استثناء متصل، والمستثنى منه الإنسان وقيل هو منفصل، وقيل هو في موضع رفع على الابتداء، و{أولئك لهم مغفرة} خبره.
قوله تعالى: {وضائق به صدرك} صدرك مرفوع بضائق لأنه معتمد على المبتدإ وقيل هو مبتدإ وضائق خبر مقدم، وجاء ضائق على فاعل من ضاق يضيق (أن يقولوا) أي مخافة أن يقولوا، وقيل لأن يقولوا: أي لان قالوا فهو بمعنى الماضي.
قوله تعالى: {وباطل} خبر مقدم، و{ما كانوا} المبتدإ والعائد محذوف: أي يعملونه، وقرئ باطلا بالنصب، والعامل فيه يعملون، وما زائدة.
قوله تعالى: {أفمن كان} في موضع رفع بالابتداء والخبر محذوف تقديره: أفمن كان على هذه الأشياء كغيره {ويتلوه} في الهاء عدة أوجه: أحدها يرجع على من وهو النبي صلى الله عليه وسلم، والتقدير: ويتلو محمدا: أي صدق محمد {شاهد منه} أي لسانه، وقيل الشاهد جبريل عليه السلام، والهاء في منه لله، وفي {من قبله} للنبى، و{كتاب موسى} معطوف على الشاهد، وقيل الشاهد الإنجيل، والمعنى أن التوراة والإنجيل يتلوان محمدا صلى الله عليه وسلم في التصديق، وقد فصل بين حرف العطف والمعطوف بقوله: {من قبله} أي وكتاب موسى عليه السلام من قبله.
والوجه الثاني أن الهاء للقرآن: أي ويتلو القرآن شاهد من محمد صلى الله عليه وسلم وهو لسانه، وقيل جبريل عليه السلام.
والثالث أنها تعود على البيان الذى دلت عليه البينة، وقيل تمام الكلام عند قوله منه ومن قبله كتاب موسى عليه السلام ابتداء وخبر، و{إماما ورحمة} حالان، وقرئ كتاب موسى بالنصب: أي ويتلو كتاب موسى {في مرية} يقرأ بالكسر والضم وهما لغتان.
قوله تعالى: {يضاعف لهم} مستأنف {ما كانوا} في ما ثلاثة أوجه: أحدها هي بمعنى الذى، والمعنى: يضاعف لهم بما كانوا، فلما حذف الحرف نصب.
والثاني هي مصدرية، والتقدير: مدة ما كانوا يستطيعون.
والثالث هي نافية أي من شدة بغضهم له لم يستطيعوا الإصغاء إليه.
قوله تعالى: {لا جرم} فيه أربعة أقوال: أحدها أن لا رد لكلام ماض: أي ليس الأمر كما زعموا، وجرم فعل وفاعله مضمر فيه، و{أنهم في الآخرة} في موضع نصب، والتقدير: كسبهم قولهم خسرانهم في الآخرة.
والقول الثاني أن لاجرم كلمتان ركبتا وصارتا بمعنى حقا، وأن في موضع رفع بأنه فاعل لحق: أي حق خسرانهم.
والثالث أن المعنى لا محالة خسرانهم، فيكون في موضع رفع أيضا، وقيل في موضع نصب أو جر إذ التقدير: لا محالة في خسرانهم. والرابع أن المعنى لامنع من أنهم خسروا فهو في الإعراب كالذى قبله.
قوله تعالى: {مثل الفريقين} مبتدأ، والخبر {كالأعمى} والتقدير: كمثل الأعمى، وأحد الفريقين الأعمى والأصم والآخر البصير والسميع (مثلا) تمييز.
قوله تعالى: {إنى لكم} يقرأ بكسر الهمزة على تقدير: فقال إنى، وبفتحها على تقدير: بأنى، وهو في موضع نصب: أي أرسلناه بالإنذار: أي منذرا.
قوله تعالى: {أن لا تعبدوا} هو مثل الذى في أول السورة.
قوله تعالى: {ما نراك} يجوز أن يكون من رؤية العين، وتكون الجملة بعدها في موضع الحال، وقد معه مرادة، ويجوز أن يكون من رؤية القلب، فتكون الجملة في موضع المفعول الثاني.
والأراذل جمع أرذال، وأرذال جمع رذل، وقيل الواحد أرذل والجمع أراذل، وجمع على هذه الزنة وإن كان وصفا لأنه غلب فصار كالأسماء ومعنى غلبته أنه لا يكاد يذكر الموصوف معه، وهومثل الأبطح والأبرق {بادى الرأى} يقرأ بهمزة بعد الدال، وهو من بدأ يبدأ إذا فعل الشيء أولا، ويقرأ بياء مفتوحة.
وفيه وجهان: أحدهما أن الهمزة أبدلت ياء لانكسار ما قبلها.
والثاني أنه من بدا يبدو إذا ظهر، وبادى هنا ظرف، وجاء على فاعل كما جاء على فعيل نحو قريب وبعيد، وهو مصدر مثل العافية والعاقبة، وفي العامل فيه أربعة أوجه: أحدها نراك أي فيما يظهر لنا من الرأى، أو في أول رأينا.
فإن قيل، ما قبل إلا إذا تم لا يعمل فيما بعدها كقولك: ما أعطيت أحدا إلا زيدا دينارا، لأن إلا تعدى الفعل ولاتعديه إلا إلى واحد كالواو في باب المفعول معه، قيل: جاز ذلك هنا لأن بادى ظرف أو كالظرف، مثل جهد رأيى أنك ذاهب: أي في جهد رأيى، والظروف يتسع فيها.
والوجه الثاني أن العامل فيه اتبعك: أي اتبعوك في أول الرأى أو فيما ظهر منه من غير أن يبحثوا.
والوجه الثالث أنه من تمام أراذلنا: أي الأراذل في رأينا.
والرابع أن العامل فيه محذوف: أي يقول ذاك في بادى الرأى به، والرأى مهموز وغير مهموز.
قوله تعالى: {رحمة من عنده} يجوز أن تكون من متعلقة بالفعل، وأن تكون من نعت الرحمة {فعميت} أي خفيت {عليكم} لانكم لم تنظروا فيها حق النظر وقيل المعنى عميتم عنها كقولهم: أدخلت الخاتم في أصبعي، ويقرأ بالتشديد والضم: أي أبهمت عليكم عقوبة لكم، و{أنلزمكموها} الماضي منه ألزمت، وهو متعد إلى مفعولين، ودخلت الواو هنا تتمة للميم، وهو الأصل في ميم الجمع، وقرئ بإسكان الميم الأولى فرارا من توالى الحركات.
قوله تعالى: {تزدرى} الدال بدل من التاء، وأصلها تزترى وهو يفتعل من زريت، وأبدلت دالا لتجانس الزاى في الجهر، والتاء مهموسة فلم تجتمع مع الزاى.
قوله تعالى: {قد جادلتنا} الجمهور على إثبات الألف، وكذلك {جدالنا} وقرئ: {جدلتنا} فأكثرت جدلنا بغير ألف فيهما، وهو بمعنى غلبتنا بالجدل.
قوله تعالى: {إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله} حكم الشرط إذا دخل على الشرط أن يكون الشرط الثاني والجواب جوابا للشرط الأول كقولك إن أتيتني إن كلمتني أكرمتك، فقولك إن كلمتني أكرمتك جواب إن أتيتني، وإذا كان كذلك صار الشرط الأول في الذكر مؤخرا في المعنى حتى لو أتاه ثم كلمه لم يجب الإكراه، ولكن إن كلمه ثم أتاه وجب إكرامه، وعلة ذلك أن الجواب صار معوقا بالشرط الثاني، وقد جاء في القرآن منه.
قوله تعالى: {إن وهبت نفسها للنبى إن أراد النبي}.
قوله تعالى: {فعلى إجرامي} يقرأ بكسر الهمزة وهو مصدر أجرم، وفيه لغة أخرى جرم ويفتح الهمزة وهو جمع جرم.
قوله تعالى: {إنه لن يؤمن} يقرأ بفتح الهمزة، وإنه في موضع رفع بأوحى ويقرأ بكسرها، والتقدير: قيل إنه، والمرفوع بأوحى.
قوله تعالى: {إلى نوح إلا من قد آمن} استثناء من غير الجنس في المعنى، وهو فاعل لن يؤمن.
قوله تعالى: {بأعيننا} في موضع الحال من ضمير الفاعل في اصنع: أي محفوظا.
قوله تعالى: {من كل زوجين اثنين} يقرأ كل بالإضافة، وفيه وجهان: أحدهما أن مفعول احمل اثنين تقديره: احمل فيها اثنين من كل زوج، فمن على هذا حال لأنها صفة للنكرة قدمت عليها.
والثاني أن من زائدة والمفعول كل واثنين توكيد، وهذا على قول الأخفش، ويقرأ: {من كل} بالتنوين، فعلى هذا مفعول احمل زوجين، واثنين توكيد له، ومن على هذا يجوز أن تتعلق باحمل، وأن تكون حالا.
والتقدير: من كل شيء أو صنف {وأهلك} معطوف على المفعول، و{إلا من سبق} استثناء متصل {ومن آمن} مفعول احمل أيضا.
قوله تعالى: {بسم الله مجراها} مجراها مبتدأ، وبسم الله خبره، والجملة حال مقدرة، وصاحبها الواو في اركبوا، ويجوز أن ترفع مجراها بسم الله على أن تكون بسم الله حالا من الواو في اركبوا، ويجوز أن تكون الجملة حالا من الهاء تقديره: اركبوا فيها وجريانها بسم الله: وهى مقدرة أيضا، قيل مجراها ومرساها ظرفا مكان.
وبسم الله حال من الواو: أي مسمين موضع جريانها، ويجوز أن يكون زمانا: أي وقت جريانها، ويقرأ بضم الميم فيهما، وهو مصدر أجريت مجرى، وبفتحهما، وهو مصدر جريت ورسيت، ويقرأ بضم الميم وكسر الراء والسين وياء بعدهما، وهو صفة لاسم الله عز وجل.
قوله تعالى: {وهى تجرى بهم} يجوز أن تكون الجملة حالا من الضمير في بسم الله، أي جريانها بسم الله، وهى تجرى بهم، ويجوز أن تكون مستأنفة، وبهم حال من الضمير في تجرى: أي وهم فيها {نوح ابنه} الجمهور على ضم الهاء، وهو الاصل، وقرئ بإسكانها على إجراء الوصل مجرى الوقف، ويقرأ ابنها يعنى ابن امرأته، كأنه توهم إضافته إليها دونه لقوله: {إنه ليس من أهلك} ويقرأ بفتح الهاء من غير ألف وحذف الألف تخفيفا، والفتحة تدل عليها، ومثله {يا أبت} فيمن فتح، ويقرأ: {ابناه} على الترئى ليس بندبة، ولأن الندبة لا تكون الهمزة (في معزل) بكسر الزاى موضع وليس بمصدر، وبفتحها مصدر، ولم أعلم أحدا قرأ بالفتح (يا بنى) يقرأ بكسر الياء وأصله بنى بياء التصغير، وياء هي لام الكلمة وأصلها واو عند قوم وياء عند آخرين، والياء الثالثة ياء المتكلم، ولكنها حذفت لدلالة الكسرة عليها فرارا من توالى الياءات، ولأن النداء موضع تخفيف، وقيل حذفت من اللفظ لالتقائها مع الراء في اركب، ويقرأ بالفتح.
وفيه وجهان: أحدهما أنه أبدل الكسرة فتحة فانقلبت ياء الإضافة ألفا، ثم حذفت الألف كما حذفت الياء مع الكسرة لأنها أصلها.
والثاني أن الألف حذفت من اللفظ لالتقاء الساكنين.
قوله تعالى: {لاعاصم اليوم} فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه اسم فاعل على بابه، فعلى هذا يكون قوله تعالى: {إلا من رحم} فيه وجهان: أحدهما هو استثناء متصل {ومن رحم} بمعنى الراحم: أي لاعاصم إلا الله والثاني أنه منقطع: أي لكن من رحمه الله يعصم.
الوجه الثاني أن عاصما بمعنى معصوم، مثل {ماء دافق}: أي مدفوق، فعلى هذا يكون الاستثناء متصلا: أي إلا من رحمه الله.
والثالث أن عاصما بمعنى ذا عصمة على النسب، مثل حائض وطالق، والاستثناء على هذا متصل أيضا، فأما خبر لا فلا يجوز أن يكون اليوم، لأن ظرف الزمان لا يكون خبرا عن الجثة، بل الخبر من أمر الله، واليوم معمول من أمر، ولايجوز أن يكون اليوم معمول عاصم، إذ لو كان كذلك لنون.
قوله تعالى: {على الجودى} بتشديد الياء وهو الأصل، وقرئ بالتخفيف لاستثقال الياءين {وغيض الماء} هذا الفعل يستعمل لازما ومتعديا، فمن المتعدى {وغيض الماء} ومن اللازم {وما تغيض الأرحام} ويجوز أن يكون هذا متعديا أيضا، ويقال: غاض الماء وغضته، و(بعدا) مصدر: أي وقيل بعد بعدا، و{للقوم الظالمين} تبيين وتخصيص، وليست اللام متعلقة بالمصدر.
قوله تعالى: {إنه عمل} في الهاء ثلاثة أوجه: أحدها هي ضمير الابن: أي إنه ذو عمل.
والثاني أنها ضمير النداء، والسؤال في ابنه: أي أن سؤالك فيه عمل غير صالح.
والثالث أنها ضمير الركوب، وقد دل عليه اركب معنا، ومن قرأ عمل على أنه فعل ماض فالهاء ضمير الابن لاغير {فلا تسألني} يقرأ بإثبات الياء على الأصل، وبحذفها تخفيفا، والكسرة تدل عليها، ويقرأ بفتح اللام وتشديد النون على أنها نون التوكيد، فمنهم من يكسرها ومنهم من يفتحها، والمعنى واضح.
قوله تعالى: {وإلا تغفر لى} الجزم بإن، ولم يبطل عملها بلا، لأن {لا} صارت كجزء من الفعل، وهى غير عاملة في النفى، وهى تنفى مافى المستقبل، وليس كذلك {ما} فإنها تنفى مافى الحال، ولذلك لم يجز أن تدخل إن عليها لأن إن الشرطية تختص بالمستقبل، ومالنفى الحال.
قوله تعالى: {قيل يا نوح} {يا} و{نوح} في موضع رفع لوقوعهما موقع الفاعل، وقيل القائم مقام الفاعل مضمر، والنداء مفسر له: أي قيل قول، أو قيل هو يا نوح (بسلام وبركات) حالان من ضمير الفاعل (وأمم) معطوف على الضمير في اهبط تقديره: اهبط أنت وأمم، وكان الفصل بينهما مغنيا عن التوكيد، (سنمتعهم) نعت لأمم.
قوله تعالى: {تلك من أنباء الغيب} هو مثل قوله تعالى في آل عمران: {ذلك من أنباء الغيب} وقد ذكر إعرابه {ما كنت تعلمها} يجوز أن يكون حالا من ضمير المؤنث في نوحيها، وأن يكون حالا من الكاف في إليك.
قوله تعالى: {من إله غيره} قد ذكر في الأعراف.
قوله تعالى: {مدرارا} حال من السماء، ولم يؤنثه لوجهين: أحدهما أن السماء السحاب فذكر مدرارا على المعنى.
والثاني أن مفعالا للمبالغة، وذلك يستوى فيه المؤنث والمذكر، مثل فعول كصبور، وفعيل كبغي {إلى قوتكم} إلى هنا محمولة على المعنى، ومعنى يزدكم يضف، ويجوز أن يكون إلى صفة القوة فتتعلق بمحذوف، أي قوة مضافة إلى قوتكم.
قوله تعالى: {ما جئتنا ببينة} يجوز أن تتعلق الباء بجئت، والتقدير: ما أظهرت بينة، ويجوز أن تكون حالا: أي ومعك بينة أو محتجا ببينة.
قوله تعالى: {إلا اعتراك} الجملة مفسرة لمصدر محذوف تقديره: إن نقول إلا قولا هو اعتراك، ويجوز أن يكون موضعها نصبا: أي ما نذكر إلا هذا القول.
قوله تعالى: {فإن تولوا} أي فإن تتولوا فحذف الثانية (يستخلف) الجمهور على الضم وهو معطوف على الجواب بالفاء، وقد سكنه بعضهم على الموضع أو على التخفيف لتوالى الحركات.
قوله تعالى: {كفروا ربهم} هو محمول على المعنى: أي جحدوا ربهم، ويجوز أن يكون انتصب بما حذف الباء، وقيل التقدير: كفروا نعمة ربهم: أي بطروها.
قوله تعالى: {غير تخسير} الأقوى في المعنى أن يكون غير هنا استثناء في المعنى وهو مفعول ثان لتزيدوننى: أي فما تزيدونني إلا تخسيرا، ويضعف أن تكون صفة لمحذوف إذ التقدير: فما تزيدونني شيئا غير تخسير، وهو ضد المعنى.
قوله تعالى: {من خزى يومئذ} يقرأ بكسر الميم على أنه معرب، وانجراره بالإضافة وبفتحها على أنه مبنى مع إذ لأن إذ مبنى وظرف الزمان إذا أضيف إلى مبنى جاز أن يبنى لما في الظروف من الإبهام، ولأن المضاف يكتسى كثيرا من أحوال المضاف إليه كالتعريف والاستفهام والعموم والجزاء، وأما إذ فقد تقدم ذكرها.